صور

الأحد، 10 أغسطس 2014

لماذا يرى الدماغ الرياضيّات جميلة؟




 
نادراً ما تتمّ الإشارة إلى جمال متطابقة أولر أو متطابقة فيثاغورث، بينما يتحدّث الكثيرون عن جمال مقطوعات موزارت أو أعمال شيكسبير أو فان كوخ.
أظهرت صور مسح الدماغ أنّ السلاسل المعقّدة من الأرقام والأحرف المكوّنة للمعادلات الرياضيّة يمكن أن تشعرنا بإحساس الجمال الذي نشعر به عند رؤية تحفة فنيّة أو عند سماع مقطوعة موسيقيّة لأحد المؤلّفين العظماء.

حيث تمّ عرض معادلات رياضيّة “قبيحة” و”جميلة” لرياضيّين أثناء خضوعهم لمسح الدماغ في جامعة لندن. وتفعّلت المراكز العاطفيّة في الدّماغ المسؤولة عن الشّعور بجمال الفنّ بالمعادلات الرياضيّة “الجميلة”. واقترح الباحثون أنّ سبب الإحساس بالجمال بيولوجي عصبيّ
نشرت الدّراسة في مجلة “Frontiers in Human Neuroscience”،  حيث أُعطي 15 عالماّ رياضيّاً 60 معادلة بهدف تقييمها.  أخبر البرفسور سمير زكي (أحد الباحثين المشاركين في هذه الدراسة) الـ BBC بما يلي: ” تتحفّز أجزاء كبيرة من الدماغ عند رؤية المعادلات، ولكن عند رؤية معادلة مقيّمة على أنّها جميلة” يتحفّز الدماغ العاطفي (الجزء الأوسط من الفص الجبهي) كما هي الحال عند النظر إلى لوحة أو عند سماع مقطوعة موسيقيّة.”  وكلّما ازداد تقييم المعادلة كلّما ازداد النشاط المكشوف عنه بواسطة المسح بالرنين المغناطيسيّ الوظيفيّ.
يضيف البروفسور: “لا يخبرنا علم الأعصاب عن ماهيّة الجمال، ولكن عند نحسّ بشيء جميل فإنّ الجزء الأوسط من الفص الجبهي غالباً ما يكون محفّزاً، ويمكننا أنّ نجد الجمال في أي شيء”.
شيء فائق الجمال

 قد لا تجد عين الإنسان العادي متطابقة أولر جميلة، ولكنّها كانت الأجمل بالنسبة لعلماء الرياضيّات. وهي من المعادلات المفضّلة للبرفسور ديفيد بيرسي من معهد الرياضيّات وتطبيقاتها.  حيث يقول للـ BBC: “إنّها من الكلاسيكيّات ولن نستطيع إيجاد معادلة تفوقها جمالاً. إنّها شديدة البساطة، ومع ذلك معناها عميق للغاية، فهي تضمّ أهمّ خمسة ثوابت رياضيّة وهي: الصفر (حيادي عملية الجمع) والواحد (حيادي عملية الضرب)،و (e)، و (pi) أشهر عددين متساميين و (i) العدد التخيّلي الرئيسيّ. كما أنّها تضمّ العمليّات الرياضيّة الرئيسيّة الثلاث: الجمع والضرب والرفع لأسّ”.
إنّ الأعداد e و pi و i معقّدة للغاية بحيث تبدو غير مترابطة، وإنّه لمن المدهش أنّ تكون محتواة في هذه الصيغة البسيطة. “في البداية أنت لا تدرك جمالها، فهي ذات أثر تدريجي كما هو الحال مع معزوفة موسيقيّة، ولكن سرعان ما تصبح مذهلة عندما تستوعب كامل إمكانيّاتها”.  ويضيف: “إنّ الجمال مصدر للإلهام ويعطيك الحماس لتكتشف الأشياء”.

يقول عالم الفيزياء النظريّة الشهير بول ديراك: “إنّ ما يجعل نظريّة النسبيّة مقبولة للفيزيائيّين برغم مخالفتها لمبدأ البساطة هو جمالها الرياضيّ الآخّاذ. إنّها صفة غير قابلة للقياس كما هو حال جمال الفنّ، ولكنّ المشتغلين بالرياضيّات يقدّرونها.
يقول عالم الرياضيّات وبروفسور الفهم الجماهيريّ للعلم ماركوس دو سوتوي إنّه وجد جمال الرياضيّات بحقّ، وهذا ما يحفّز جميع الرياضيّين. ويقول إنّه أحبّ شيئاً صغيراً قام به عالم الرياضيّات بيير دو فيرما. حيث برهن فيرما أنّ أي عدد أوّلي باقي قسمته على أربعة هو واحد يمكن كتابته كمجموع مربّعين لعددين.
مثال: باقي قسمة العدد الأوّلي 41 على 4 هو 1، ويمكن كتابته كمجموع 25 (مربّع 5) و 16 (مربّع 4).
إذاً إذا كان باقي قسمة العدد الأوّلي على 4 هو 1 فيمكننا دائماً كتابته كمجموع مربّعين. وهذا شيءٌ جميلٌ بحقّ!” “من غير المتوقّع للوهلة الأولى أن تكون هناك علاقة ما تربط الأعداد الأوّليّة بالأعداد المربّعة، ولكن عند متابعة البرهان تجد أنّهما يندمجان سويّةً كما هو الحال في معزوفة موسيقيّة، وعندها تبدأ في رؤيتهما متّحدين”.
ويقول إنّ ما أمتعه هو رحلة البرهان وليس النتيجة النهائيّة، كما هو حال المقطوعة الموسيقيّة، فلا يكفي أن تسمع آخر ألحانها لتحكم عليها.  ويضيف بالقول إنّ هذا الجمال الرياضيّاتي غائب عن المدارس، مع أنّه من الممكن إظهار أشياء مدهشة للأطفال حتّى وإن كانوا في مرحلتهم الابتدائيّة.
وصنّف علماء الرياضيّات المشاركون في هذه الدراسة سلاسل سرينيفاسا رامنجان اللانهائيّة ومعادلة ريمان الوظيفيّة على أنّها أبشع الصيغ الرياضيّة.

0 التعليقات :

إرسال تعليق